الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من تاب من ذنب تاب الله عليه إذا كانت التوبة مستوفاة لشروطها، وقد فصلنا هذه الشروط في الفتوى رقم: 5450 والفتوى رقم: 29785 . قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ {الزمر: 53-54}
واعلمي أختي السائلة أن ما وقعت فيه صديقتك هو من عواقب الاختلاط المحرم، وقد سبق لنا بيان مفاسد الاختلاط بين الرجال والنساء في الفتوى رقم: 3539.
وعليه، فإذا لم تكن صديقتك مضطرة للعمل اضطرارا حقيقيا بحيث لم تجد من ينفق عليها ويوفر لها الضروري من النفقة، إذا لم تكن كذلك فلا يجوز لها أن تعمل في مكان تختلط فيه بالرجال الأجانب عنها، لاسيما بعد وقوع ما وقع مع مديرها، ولذلك، فإننا ننصحها بشدة بأن تترك هذا العمل وأن تبتعد عن هذا الشخص حفاظا على دينها وعلى زوجها، لأن وجودها قريبة منه مدعاة للرجوع إلى ما حدث من قبل، وربما إلى ما هو أشد منه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. رواه الترمذي وصححه، فإذا تركت هذا العمل فرارا من المعصية فإن الله تعالى سيرزقها من حيث لا تحتسب، فقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)
ثم إننا ننبه الأخت السائلة إلى أمور ثلاثة:
الأول: قولها ولكنها لم تقع في المحظور، فنقول بل قد وقعت في المحظور، فليس المحرم هو الزنا فقط، بل ما وقعت فيه لا شك في حرمته، وتزداد حرمته شدة إذا وقع من امرأة متزوجة.
الثاني: ما ذكرته من أسباب لا يسوغ وقوع صديقتها فيما حرم الله تعالى، زد على ذلك فإن الوقوع فيما وقعت فيه لا يعالج الخلافات الزوجية بل يزيدها اتساعا.
الثالث: كان الواجب على صديقتك أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا، وما كان ينبغي أن تحدث غيرها بما حدث منها من معاصي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المسلم إذا وقع في مثل هذه الآثام أن يستتر بستر الله تعالى، فقد قال صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله تعالى. رواه الحاكم والبيهقي ورواه مالك بنحوه وصححه الحاكم وابن السكن والألباني.
والله أعلم.