الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالتعامل مع الجن ليس محرما على الإطلاق، بل هو مباح في المباحات، ومحرم في المحرمات. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في دقائق التفسير تفصيلا جيدا في استخدام الإنس للجن، وقال إنه على ثلاثة أقسام: الأول: ما يكون محرما، وذلك كالاستعانة بهم في المحرمات، من الشرك والفواحش والقول على الله بلا علم. الثاني: ما يكون مباحا، وذلك كمن يستخدمهم في أمور مباحة، كإحضار ماله، أو دلالته على ماليس له مالك معصوم، أو دفع من يؤذيه، ونحو ذلك من الأمور المباحة. الثالثة: أن يستعملهم في طاعة الله ورسوله فيأمرهم بما أمر الله به ورسوله، كما يأمر الإنس وينهاهم، وهذه حال نبينا صلى الله عليه وسلم، وحال من اتبعه واقتدى به من أمته وهم أفضل الخلق. ولك أن تراجع في تفصيل هذا الموضوع فتوانا رقم: 5701. ونبي الله سليمان عليه السلام كانت الجن قد سخرت له، ولكن الله منعها من أن تزيغ أو يحصل منها فساد، قال تعالى: وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ {الانبياء: 82}. قال أهل التفسير أي من أن يزيغوا عن أمره، أو يبدلوا أو يغيروا، أو يوجد منهم فساد في ما هم مسخرون فيه، وقال تعالى: وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ {سـبأ: 12}. وقال تعالى: وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَاد {صّ:38}... إلى غير ذلك من الآيات الدالة على منعهم من الشر، وأنهم كانوا مسخرين له في الخير فقط.