الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المعروف أن الطلاق بيد الزوج، ولا يحق لأحد أن ينفذه عليه إلا من وكله على ذلك من زوجة أو غيرها أو القاضي عند ثبوت سبب الطلاق من ضرر حاصل للزوجة من البقاء في عصمة زوجها لعجزه عن القيام بنفقتها ونحو ذلك، وتقوم جماعة المسلمين مقام القاضي عند عدم وجوده، فإذا تقرر هذا علم أن الإمام وحده لا يملك حق إنفاذ الطلاق على السجين أو غيره لأي سبب كان ذلك، وعليه فطلاقه الذي صدر وأفتى به كالعدم، والعصمة باقية على حالها، وهذا ما لم يكن مفوضا من قبل المركز الإسلامي الموجود في بلادكم، أما إن كان مفوضا من قبل جماعة المركز وأعطته صلاحية النظر والحكم في أمور الطلاق فإنه ينفذ ما أوقع من الطلاق لمسوغ شرعي ويكون طلاق بائنا، هذا من حيث الأصل، لكن بما أننا لم نطلع على السبب الذي طلقت هذه المرأة من أجله بالتحديد فلا يمكن لنا أن نحكم بأنه طلاق بائن أو رجعي لأن طلاق القاضي قد يكون رجعيا في بعض الحالات، مثلا إذا طلق المرأة من أجل عسر زوجها بالنفقة ثم أيسر الزوج قبل انتهاء العدة فله أن يرتجعها وعلى كل حال فهو طلاق.
وما ذكرناه من كون الإمام إذا كان مفوضا من قبل جماعة المركز الإسلامي يأخذ طلاقه حكم طلاق القاضي هو مقتضى كلام أهل العلم من قيام جماعة المسلمين مقام القاضي عند عدم وجوده، وهو ما قرره مجمع فقهاء الشريعة الإسلامية بأمريكا بخصوص هذا الموضوع الذي نحن بصدده، حيث جاء في بيانه الختامي للمؤتمر الثاني: أن للمراكز الإسلامية خارج ديار الإسلام صفة قضائية فإذا كان للقائم على المركز الإسلامي صفة المحكم سواء باتفاق الطرفين أو لإصلاح الجالية المسلمة عليه اعتبارا لفقهه فإنه يعتد بما يجريه من التفريق بسبب الضرر وسوء العشرة ونحوه بعد استيفاء الإجراءات القانونية التي تقيه من الوقوع تحت طائلة القانون، وعليه، فالخلاصة أن الطلاق الذي أوقعه الإمام غير نافذ ولا أثر له إن لم يكن الإمام مفوضا من جماعة المركز الإسلامي، ونافذ إن كان الإمام مفوضا من المركز الإسلامي ويعتبر طلاقا.
أما عن السؤال الثاني، فالجواب أنه في حال بغض المرأة لزوجها وعدم قدرتها على العيش معه وخشيتها من عدم قيامها بواجبها نحوه فلها طلب الطلاق، فإن لم يرض الزوج فلها أن تفتدي منه بأن تدفع له ما أعطاها من مهر أو غير ذلك مما يتم عليه الاتفاق، ويستحب للزوج إجابتها لذلك، ولا يجبر عليه فإن لم يفعل فترفع أمرها إلى القاضي أو من ينوب عنه كجماعة المسلمين كما في الحالة المسؤول عنها ليرى أو لترى الأصلح، وتراجع الفتوى رقم: 57926.
والله أعلم.