الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن أكره على ظلم نفسه يجوز له أن يظلمها، قال السرخسي في المبسوط: ولو أكرهه على أن يطرح نفسه في النار بوعيد قتل, فهو إن شاء الله في سعة من ذلك. أما إن كان يرجو النجاة من النار, فإنه يلقي نفسه على قصد النجاة, وإن كان لا يرجو النجاة, فكذلك الجواب، لأن من الناس من يختار ألم النار على ألم السيف, ومنهم من يختار ألم السيف, وربما يكون في النار بعض الراحة له, وإن كان يأتي على نفسه...
وأما إن أكره على ظلم الغير فليس له أن يفعله ولو أدى عدم استجابته إلى قتله، قال المواق عند قول خليل: (لا قتل المسلم وقطعه)، قال ابن رشد: الإكراه على الأفعال إن كان يتعلق به حق لمخلوق كالقتل والغصب فلا خلاف في أن الإكراه غير نافع في ذلك.
وفي المبسوط للسرخسي: ولو أكرهه بوعيد قتل على أن يقتل عبده بالسيف, أو على أن يقطع يده لم يسعه أن يفعل ذلك، لأن العبد في حكم نفسه باق على أصل الحرية على ما بينا أن ذمته لا تدخل تحت القهر, والملك, فكما لا يسعه الإقدام على أن يفعل شيئا من ذلك بحر لو أكره عليه, فكذلك العبد...
والله أعلم.