الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن القاضي بشر يحكم بنحو ما يسمع، فحكمه قد لا يكون صحيحاً في نفس الأمر، فمن قضى له القاضي بما لا ليس له، فلا يجوز له أخذه، فإن حكم القاضي لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً لما في صحيح مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قطعت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه، فإنما أقطع له به قطعة من النار.
وقد سبق في الفتوى رقم: 32062 أنه لا يحكم على الغائب بطلاق زوجته ما دامت غيبته غير منقطعة، بحيث يعرف خبره، ويمكن الاتصال به، والزوجة هنا قد أخفت على القاضي علمها بمكان الزوج أو رقم هاتفه حتى يتصل به، وعليه فإن حكم القاضي بالطلاق غير صحيح شرعاً، لقيامه على سبب غير صحيح، وعلى الزوجة إذا أرادت الطلاق ولم تستطع الحصول عليه من الزوج، أن ترفع دعوى أخرى تبين فيها السبب الصحيح للدعوى، كعدم الإنفاق عليها فلها أن تطلب من القاضي فسخ النكاح لذلك، مع التنبيه إلى حرمة طلب الطلاق لغير عذر، وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 35085.
والله أعلم.