الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نقف على ما ذكرته من حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن المني، وأنه قال فيه: فإنه نور عينيكم ومخ ساقيكم، وقد نقل هذا الكلام أو ما في معناه عن بعض أهل العلم.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: الكيس الكيس، فإنه وارد في حديث الشيخين وغيرهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فأبطأ بي جملي وأعيا، فأتى علي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: جابر؟ فقلت: نعم، قال: ما شأنك؟ قلت: أبطأ علي جملي وأعيا فتخلفت فنزل يحجنه بمحجنه، ثم قال اركب فركبت فلقد رأيته أكفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: تزوجت؟ قلت: نعم، قال: بكراً أو ثيبا؟ قلت: بل ثيبا، قال: أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك؟ قلت: إن لي أخوات فأحببت أن أتزوج امرأة تجمعهن وتمشطهن وتقوم عليهن، قال: أما إنك قادم فإذا قدمت فالكيس الكيس، ثم قال أتبيع جملك... الحديث.
وقد اختلف في شرح قوله صلى الله عليه وسلم الكيس الكيس، فقيل: إنه يعني طلب الولد، وقيل: إنه إغراء على الجماع، وقيل: غير ذلك، ولعل ما سمعته في الخطبة هو من شرح تلك العبارة.
قال في فتح الباري: وقوله فالكيس بالفتح فيهما على الإغراء وقيل على التحذير من ترك الجماع قال الخطابي الكيس هنا بمعنى الحذر، وقد يكون الكيس بمعنى الرفق وحسن التأني وقال ابن الأعرابي الكيس العقل كأنه جعل طلب الولد عقلاً وقال غيره أراد الحذر من العجز عن الجماع فكأنه حث على الجماع قلت جزم ابن حبان في صحيحه بعد تخريج هذا الحديث بأن الكيس الجماع وتوجيهه على ما ذكر يؤيده قوله في رواية محمد بن إسحاق فإذا قدمت فاعمل عملاً كيسا وفيه قال جابر فدخلنا حين أمسينا فقلت للمرأة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أعمل عملاً كيسا قالت سمعاً وطاعة فدونك قال: فبت معها حتى أصبحت...
والله أعلم.