الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لك الإعانة على توزيع هذه الصحف التي تشتمل على الصور العارية، لقول الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، فإن استطعت أن تقتصر على توزيع الصحف التي لا تشتمل على هذه الصور فبها ونعمت، وإن لم تستطع وجب عليك ترك هذا العمل إلى غيره من الأعمال المباحة، وتيقن أن الله تعالى سيخلف عليك خيراً، ففي أثر عن أبي بن كعب: ما ترك عبد شيئاً لا يتركه إلا لله إلا أتاه الله بما هو خير منه من حيث لا يحتسب. رواه وكيع في الزهد.
أما عن البريد الذي تحمله إلى مراكز القمار، فإن هذا البريد يشتمل في الغالب على أوراق تعين على ممارسة القمار، أو تدعو إليه فلا يجوز لك العمل فيها أيضاً لما ذكرنا، ومن النادر أن تكون تلك الخطابات لا صلة لها بالقمار، أو محرم آخر، والعبرة بالغالب لا بالنادر، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 40591، 21223، 39528، 46499.
علماً بأنه في حالة حرمة العمل في المجالين المذكورين مع عدم التمكن من غيرهما، وقيام الحاجة إلى المال لسد الحاجات الضرورية، فلا مانع من البقاء فيهما مع الاجتهاد في البحث عن غيرهما، بشرط عدم الادخار منهما، فلا يجوز لك أن تأخذ إلا بقدر ضرورتك وتتخلص من الباقي، لقوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}.
والله أعلم.