الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن التبشير بالجنة والنار نوعان: الأول تبشير عام لمن أطاعوا أو عصوا، وهذا النوع جاء ما يفيد ثبوت قيام الرسل واتباعهم بتبشير الناس به قبل الموت ترغيبا في الطاعة وترهيبا من المعصية، ويدل لهذا قوله تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيرا ً*وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيما {الاسراء:9ـ10}. وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ {آل عمران:21}. وقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيم {التوبة: 34}. وقوله تعالى في المؤمنين المجاهدين: الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ *يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ {التوبة:20ـ21}. والنوع الثاني: تبشير خاص بأشخاص علم بالوحي بشارتهم بالجنة أو النار مثل ما في الأحاديث الصحيحة من تبشير خديجة والعشرة المبشرين بالجنة، وتبشير قزمان بالنار. هذا ومثل ما ثبت من تبشير بعض الكفار والعصاة المعينين بالنار بعد موتهم كما في تبشير آل فرعون وكركرة قاتل الزبير بالنار، فهؤلاء ثبت النص بتبشيرهم بالنار. وأما من لم يثبت فيه نص بعينه فإنه قد ثبت في الوحي ما يدل على تبشير الملائكة لأهل الاستقامة بالجنة عند موتهم وعند سؤالهم وتبشير الفجار بالعكس. كما في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ {فصلت:30}. وكما في تبشير من نجح في سؤال القبر بالجنة كما في حديث المستدرك الطويل وفيه يقول: فـتأتيه الملائكة فيقولون من ربك فيقول الله فيقولون ما دنيك فيقول الإسلام فيقولون ما هذا الرجل الذي خرج فيكم فيقول رسول الله... فينادي مناد من السماء أن صدق فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وأروه منزله من الجنة. . ثم ذكر إخفاق الفاجر أو الكافر في السؤال ثم قال: فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي فأفرشوه من النار وألبسوه من النار وأروه منزله من النار. وفي صحيح البخاري أنه يبشر المؤمن بعد الجواب الصحيح بمقعده في الجنة حيث قال صلى الله عليه وسلم: فيقال انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة فيراهما جميعا. وعلى المسلم أن يحرص على القيام بجميع الأوامر والبعد عن جميع النواهي ويحرص على التوبة الصادقة كلما صدر منه ذنب أو تقصير، ويحرص على الاستقامة حتى يأتيه الموت فيظفر بالبشرى. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 64045.