الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من السنة تعجيل دفن الميت لما روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها عليه، وإن يكن سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم. وقال صلى الله عليه وسلم: إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: أخرجه الطبراني بإسناد حسن.
وكذا قال العيني في عمدة القاري، وقال ابن حجر في شرحه للحديث الأول: وفيه استحباب المبادرة إلى دفن الميت لكن بعد أن يتحقق أنه مات، أما مثل المطعون والمفلوج والمسبوت فينبغي أن لا يسرع بدفنهم حتى يمضي يوم وليلة ليتحقق موتهم، نبه على ذلك ابن بزيزة.
وفي الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أنه إن تيقن الموت يبادر إلى التجهيز ولا يؤخر... فإن مات فجأة ترك حتى يتيقن موته. وفيها أيضاً: يستحب الإسراع بتجهيزه كله من حين موته، فلو جهز الميت صبيحة الجمعة يكره تأخير الصلاة عليه ليصلي عليه الجمع العظيم، ولو خافوا فوت الجمعة بسبب دفنه يؤخر الدفن، وقال المالكية والشافعية أيضاً بالإسراع بتجهيزه إلا إذا شك في موته.
فهذا هو الأصل في دفن الميت، وهو التعجيل والمبادرة إلى ذلك إلا إذا كان هناك سبب شرعي يدعو إلى تأخير الدفن كوجود شبهة قتل مثلاً، فيؤخر الدفن لفحص الجثة والتأكد من ذلك، وقد سبق لنا بيان جواز ذلك في الفتوى رقم: 56064.
ومن الأسباب أيضاً انتظار أهل الميت، ما لم يطل هذا الانتظار، قال في فيض القدير: ينبغي انتظار الولي إن لم يخف تغيره. مع أن الأصل هو عدم انتظار الغائب، فقد قال الإمام الشافعي في الأم: ولا ينتظر بدفن الميت غائب من كان الغائب.
ولم يتبين لنا من السؤال من قام على دفنها، وإن كان الظاهر من السؤال أن أهلك هم من قاموا بذلك، وما قاموا به من التعجيل بدفنها دون انتظار أهلها جائز لما أسلفناه من استحباب التعجيل بالدفن، إلا إذا كان محل إقامة أهلها قريب منكم، فإن الأولى حينئذ انتظارهم، وننبه الأخ السائل إلى أن الأولى أن يقال على الميت: رحمه الله، بدل (المرحوم)، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2391.
والله أعلم.