الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ضربك للعامل الذي يخدم معك فيه اعتداء عليه كبير، وقد حذر الشرع الحكيم من ذلك، ففي الحديث الصحيح: أن المفلس يوم القيامة يأتي بصلاة وصدقة وصيام ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وأكل مال هذا... الحديث. فكان من حقك أن تكافئ إساءته عليك بمثلها أو أن تعفو عنه، وليس لك أن تضربه.
ونسأل الله تعالى أن يذهب غيظ قلبك وغلَّه، وأن يؤلف بينك وبين عباد الله المؤمنين، فقد ذكر الله أحوال الصالحين فقال: وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {الحشر:10}، ولا يتأتى ذلك للمرء إلا إذا تحلى بصفة الحلم والصفح والعفو، فلا يرد السيئة بسيئة وإنما يردها بالحسنة ولا يدع نفسه تتحكم فيه، بل يحكم نفسه بسلطان العقل ووازع الدين، فقد قال الله تعالى: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً {البقرة:83}، وقال تعالى: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا {الإسراء:53}.
فهذه بعض أسباب ضبط النفس من الناحية الإيجابية، أما من الناحية السلبية فالواجب على العبد أن يتخلى عن حظوظ النفس وشهواتها التي تدفعه لحب ذاته، والتعالي على الآخرين، والفخر بما أوتي من علم أو مال أو منصب، قال صلى الله عليه وسلم: وإن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد. رواه مسلم وغيره.
ولتتذكر أيها الأخ السائل قول الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {الحجرات:10}، وأن المؤمن له من الحقوق على أخيه المؤمن ما يعجز المرء عن وصفه، ولقد بينا فضيلة العفو والصفح وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 54408، 36349، 27841، 24753، 18380.
أما عن تعليم مساعدك الأمور التي يسألك عنها فليس من الواجب عليك، ما لم يكن داخلاً في مقتضى العقد أو العرف إن لم يذكر في العقد، ولكن لو علمته تفضلاً منك ووجهته إلى الصواب ونبهته على الخطأ كان ذلك فيه الأجر الكبير، ففي الصحيحين من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله وجهاد في سبيله... إلى أن قال صلى الله عليه وسلم: تعين صانعاً أو تصنع لأخرق. والأخرق هو الذي ليس بصانع..
والله أعلم.