الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن المقرر شرعاً أن ضمان المسروق أو المغصوب يكون بالمثل، فإن تعذر المثل فالقيمة، وأن أجرة رد المسروق والمغصوب تكون على السارق والغاصب، أما الغرامة المالية التي تزيد على ذلك، فلا تجوز، وذلك لعموم قوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ {البقرة: 194}.
وقوله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ {النحل: 126}.
وقد نص أهل العلم على أنه ليس للمسروق منه أو المغصوب منه إلا ما أخذ منه دون زيادة على ذلك، قال الإمام ابن عبد البر في كتابه التمهيد: والذي عليه الناس العقوبة في الغرم بالمثل، وراجع الفتوى رقم: 60364، والفتوى رقم: 43618 .
وقد نص الفقهاء كذلك على حرمة المعاقبة والتعزير بالمال، وعلى هذا المذاهب الأربعة، بل نقل الصاوي من المالكية في حاشيته الإجماع على ذلك، وراجع الفتوى رقم: 34484.
ومن هذا تعلم أنه لا يجوز أن يفرض على السارق أكثر من قيمة ما سرقه من المياه وتكاليف استيفاء ذلك، فإذا كانت الإدارة التي تعمل بها تفرض على السارق أكثر من ذلك، فلا يجوز لك العمل فيها، لما في العمل فيها من المعاونة لها على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}.
وأما كون المسؤول في بعض الأحيان يقوم بإلغاء الغرامة أو إعطاء غرامة غير مطابقة للنظام، فقد علمت أن فرض غرامة تزيد عن قيمة المياه وتكاليف استيفائها لا يجوز، فإن كان ذلك المسؤول يقوم بإلغاء ما يزيد على الغرامة الشرعية أو يفرض الغرامة الشرعية وإن كانت غير مطابقة للنظام، أو يقوم بإلغائها وهو مخول بذلك، ولا يحابي شخصاً على آخر ممن يجب عليهم دفع هذه الغرامة فهو محسن في ذلك، أما إذا كان يفعل ذلك دون نظر إلى الشرع ويحابي بعض الناس على بعض، فهو مسيء وقد جمع شراً إلى شر، وينصح ويوجه إلى الحكم الشرعي ولا يعان على ذلك الظلم.
والله أعلم.