الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن اعتقاد شمولية دين الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان ووفائه بكل متطلبات الإنسانية الدينية والدنيوية واجب ديني، ومن اعتقد خلاف ذلك وأن الإسلام يصلح لزمن دون زمن أو لطبقة دون أخرى أو أن غيره أصلح للناس منه وأوفى بمتطلباتهم فقد كفر، لأن اعتقاده هذا يتضمن تكذيب نصوص الوحي المصرحة بكمال الدين ووفائه بما يحتاج إليه الإنسان من أمر دينه وسياسة دنياه، كما أنه يتضمن تنقيص هذا الدين والحط من قدر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي جاء به، وكل ذلك يكفر صاحبه قطعا، وكل هذا معلوم من الدين بالضرورة.
وعلى هذا، فمن أنكر شمولية الدين بالمعنى الذي ذكرنا فهو كافر مرتد عن الإسلام.
وقد حكم على هؤلاء بالردة مفتي المالكية بتونس بسبب هذه الأطروحات الكفرية وأحكام الإسلام ثابتة صالحة لكل زمان ومكان.
قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا {المائدة: 3}
قال ابن كثير: هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة حيث أكمل تعالى لهم دينهم فلا يحتاجون إلى دين غيره ولا نبي غير نبيهم، ولهذا جعله تعالى خاتم الأنبياء وبعثه إلى الإنس الجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق لا كذب فيه ولا خلف، كما قال تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا . أي صدقا في الأخبار وعدلا في الأوامر والنواهي، فلما أكمل لهم الدين تمت عليهم النعمة، ورضيت لكم أي فارضوه أنتم لأنفسكم فإنه الدين الذي أحبه ورضيه وبعث به أفضل الرسل الكرام وأنزل به أشرف كتبه. اهـ.
قال محمد بن حزم: واتفقوا أنه مذ مات النبي صلى الله عليه وسلم فقد انقطع الوحي وكمل الدين واستقر وأنه لا يحل لأحد أن يزيد شيئا من رأيه بغير استدلال منه ولا ينقص منه شيئا ولا أن يبدل شيئا مكان شيء ولا أن يحدث شريعة وأن من فعل ذلك كافر. اهـ
ولا يمكننا في هذه الفتوى استقصاء نظام الإسلام في الاقتصاد، فالمسألة تحتاج إلى تفصيل ليس مجاله فتوى أو جواب لكننا نحيل السائل على موقع متخصص في بيان مكانة التشريع في الاقتصاد الإسلامي وما يتصل به من أمور وذلك في موقع فقه الاقتصاد الإسلامي، وستجد على هذا الموقع كتبا كثيرة منها كتاب بعنوان النظام الاقتصادي في الإسلام تأليف مسفر بن علي القحطاني.
والله أعلم.