الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكما تعلمون فإن عذاب القبر ونعيمه ثابتان بالتواتر كما بينا في الفتوى رقم: 29069، وكذلك سماع البهائم لأصوات المعذبين في قبورهم كما في الفتوى رقم: 13579.
وما تشاهدونه من وقوع الطير وعدم نفرتها من قبور المشركين فإن ذلك لا يعني عدم تعذيبهم في قبورهم أو عدم سماعها لذلك، وعذاب القبر من الغيب الذي كلفنا الله عز وجل الإيمان به والعمل الذي يقينا منه، ولو جعل له سبحانه أمارات واضحة تدل عليه يراها كل أحد حتى يصبح كالعيان، لما كان من الغيب ولما كان للإيمان به فضل، ولكن شاء الله أن يغيب ذلك ليظهر أهل الإيمان من أهل الكفران، كما أنه يمكن أن يقال بأن الطيور وغيرها من الحيوانات لا يفزعها الصوت إذ لم تكن مقصودة به، فإنها تسمع صراخنا نحن وأزيز سياراتنا ولا تتحرك ولا تضطرب ولا تخاف لما ألفت من ذلك وكونها لم تقصد به، ولو شاهدت الحمام في ساح الحرم بين الناس ومكبرات الصوت وهو في هدوئه لا يفزعه ذلك، ولو وقفت وصرخت فيه تقصده أو أشرت إليه، فإنه سيفزع ويطير وهكذا.
وكذلك زراعة الأرض واخضرار قبور أولئك أو غيرهم فلا علاقة لذلك بالعذاب ولا بالنعيم حيث إن الأرض تنبت مهما كان فيها بذر وصادفها ماء.
ولا ينبغي أن يكون ذلك ولا غيره مصدر تشويش على المؤمن وتشكيك له في دينه، فإيمان المؤمن أرسخ وأقوى من أن تزعزعه الأوهام والوساوس الإبليسة التي يطرحها هو أو أعوانه من الجن والإنس على المؤمن لتصده عن دينه.
وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 60710.
والله أعلم.