الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا نعلم كتباً معينة بأسمائها حذر منها خاصة، وإنما يجب الحذر من كتب جميع المبتدعة وأهل الأهواء؛ إذ يخلطون الحق بالباطل والصحيح بالسقيم ويوردون الأحاديث الموضوعة في سياق الأحاديث الصحيحة تلبيسا عليها حتى لا تكشف فيمررون بذلك عقائدهم الباطلة وأفكارهم المنحرفة.
فينبغي للمسلم أن يحذر من كتب أولئك سيما إذا كان مبتدئا لم يسلح بعد برصيد علمي يقيه سمومهم ويدفع عنه شرورهم ويميز به بين الحق والباطل.
فالفقه والعقيدة وغير ذلك من أمور الدين لا ينبغي أخذها إلا عمن يوثق في علمه وأمانته واشتهر بالصلاح والاستقامة على منهج أهل السنة والجماعة، وإن كان بعض العلماء ذكروا أنه لا ينبغي للمبتدئ النظر في الكتب التي فيها حدة وجرأة على العلماء كالمحلى لابن حزم رحمه الله، وكذلك كتب ابن العربي المالكي ونحوها، فقد كان في أسلوب أولئك حدة على الأئمة رحمهم الله تعالى ووصفهم بما لا يليق، فكان الأولى للمبتدئ أن يحذر من ذلك، لأنه ربما أورثه بغضا لهم وكراهية لأقوالهم وعدم الثقة بها وهم أئمة مجتهدون ربما أصابوا وربما أخطؤوا كحال البشر، وقد أجمعت الأمة على علمهم وورعهم وصلاحهم واتباعهم، ولكن ابن حزم رحمه الله تعالى كان بينه وبين بعض أتباعهم مناظرات وخصومات فأورثه ذلك ما أورثه تجاه مذاهبهم وأصحابها، ولا يعني ذلك طعنا في كتبه فإنها من أجلِّ الكتب وأنفعها ولكن ضررها على المبتدئ أكثر من نفعها.
والله أعلم.