الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالشحم تابع للحم فإن كان اللحم حراماً كان الشحم كذلك، وإن كان حلالاً كان الشحم حلالاً، فليس له حكم مستقل به في شريعتنا، وإنما كانت الشحوم محرمة على اليهود، كما في قوله تعالى: وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ {الأنعام:146}.
وأما في الإسلام فلا، كما قال الله تعالى على لسان نبيه: قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ {الأنعام:145}، وقد أجمع العلماء على أن شحم الخنزير كلحمه وشحم الميتة كلحمها، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، فقال: لا هو حرام.
وأما حد الزاني المحصن فإنه الرجم وليس في كتاب الله آية تتلى فيها ذلك الحكم، وقد كان مما نزل فنسخ لفظه وبقى حكمه، ولذلك نبه عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مثل سؤالك واستشكالك فقال: أخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى... وانظر الفتوى رقم: 5132.
وقد بينا الحكمة من نسخ اللفظ وبقاء الحكم في الفتوى رقم: 18663، والفتوى رقم: 1405، وإننا ننبهك إلى خطورة ذلك القول الذي تضمنه سؤالك كما نبه إلى خطورته الصادق المصدوق النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يوشك أحدكم أن يكذبني وهو متكئ على أريكته يحدث بحديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله. رواه أحمد وأصحاب السنن وغيرهم بألفاظ متعددة، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4588، 31742، 64754.
والرجم مما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، ففي صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: الثيب جلد مائة ثم رجم بالحجارة. وقد رجم ماعز والغامدية، وقد علمت أنه كان فيما أنزل في كتاب الله ثم نسخ لفظه، فاتق الله تعالى وتب من جرأتك على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا {الحشر:7}.
وأما حدود الله فإنها جملة ما أذن في فعله أو أمر بتركه سواء كان على طريقة الوجوب أو الندب أو الإباحة أو الكراهة أو التحريم، كما قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم فهي إذن أوامره ونواهيه.
والله أعلم.