الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تقدم لنا كلام في امتهان الصحافة بوجه عام في الفتوى رقم: 13560 فنرجو مراجعتها.
هذا؛ ولا يخرج حكم الإخراج الصحفي عما ستجده في الفتوى المشار إليها، وإن كنا نرى أن الإخراج الصحفي مهم جداً في باب الصحافة فهو الذي يمتلك أساليب الجذب والإغراء، وقد يكون أصل الموضوع لا يستدعي الاهتمام، ولذا فالتبعة على المخرج الصحفي عظيمة، فإذا قام بتزيين المنكر من القول والصور كان عليه من الوزر بحسب ذلك، وإن قام بتزيين الحق وإخراجه في أحسن صوره كان له من الأجر بحسب ذلك أيضاً، ولا ريب أن ذلك كله داخل في عموم، قوله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
وأما القول أن العمل بهذه الوظيفة في المجال المحرم يباح لأنه ضرورة فقول باطل لعدم وجود الضرورة المزعومه، فلأن يترك الشخص العمل في الصحافة كلياً ويبحث عن عمل آخر مباح خير له من البقاء في هذا المجال مع ارتكابه ما نهى الله عنه، ولأن يكتفي باليسير الحلال خير من الكثير الحرام الذي لا يبارك الله فيه أصلاً، فالمقصود أن على أهل الدين والورع العاملين في مجال الصحافة السعي لتصحيح مسار الصحافة المنحرفة، لا تكريس الواقع المر لها بدعوى ضرورة العمل، فإن أمكنهم إيقاف هذا الفساد ولو بالتدرج بقوا في أعمالهم هذه؛ وإلا تركوها وأخلصوا في الترك لله عز وجل، وسيعوضهم الله خيراً منها، فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
والله أعلم.