الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذكر يكون باللسان وبالقلب وبالأعمال ولا يختص باللسان، فالصلاة من الأعمال وهي من الذكر قال الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي {طه: 14}.
والذكر في القلب دون تحريك اللسان ذكر كما قال تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً {الأعراف: 205}.
وفي الحديث القدسي المتفق عليه: فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي.
وكذا سائر الأعمال الصالحة قال عطاء بن أبي رباح رحمه الله: مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام، أي مجالس العلم.
إلا أن المشهور هو إطلاق الذكر على ما تحرك به اللسان من ثناء على الله تبارك وتعالى كالتسبيح والتهليل والتحميد ونحو ذلك.
وأما المقصود بالذكر في الآية المذكورة فقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح بحب الله ورسوله والمؤمنين، ففي الدر المنثور للسيوطي رحمه الله تعالى: أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ. قال: محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وأخرج أبو الشيخ عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين نزلت هذه الآية: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ هل تدرون ما معنى ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: من أحب الله ورسوله، أحب أصحابي.
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ قال: ذاك من أحب الله ورسوله، وأحب أهل بيتي صادقاً غير كاذب، وأحب المؤمنين شاهداً وغائباً، ألا بذكر الله يتحابون. اهـ
والله أعلم.