الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخفى عليك أيها الأخ الكريم أن النظر إلى النساء محرم وهذا هو الأصل، والنظر إلى المخطوبة رخص فيه الإسلام لحاجة، فهو استثناء من الأصل، ويجوز تكراره بقدر ما تتحقق الحاجة، قال الشربيني الشافعي في الإقناع: وله تكرير نظره إن احتاج إليه ليتبين هيئتها فلا يندم بعد النكاح، والضابط في ذلك الحاجة ولا يتقيد بثلاث مرات وسواء أكان بشهوة أم بغيرها كما قال الإمام والروياني. انتهى.
فإذا ما تحقق غرضه وعرف من خلق المرأة ما يدعوه لنكاحها فقد انتهت الحاجة التي جوزت له الحرام ، والمحرم إذا أبيح فإنما يباح بقدر الحاجة، وأما الإرشاد إلى النظر في الحديث فلعلة وحكمة مذكورة في الحديث، فمن الجهالة إغفال ذلك وعدم الالتفات إليه، وقد أجاز الإسلام النظر إلى وجه المرأة عند الشهادة حتى لا يشهد الشاهد على من لا يعلم، ولا يجوز للشاهد أن يبقى ينظر إلى المرأة في أي وقت وجدها فيه فهذا لا يقوله عاقل، وأجاز الإسلام النظر إلى وجه المرأة عند البيع والشراء حتى يعلم من هو الطرف الثاني في العقد ولا يقول عاقل أنه يجوز أن ينظر إلى المرأة التي بايعها في أي وقت وجدها فيه، وأجاز الإسلام نظر الطبيب إلى المرأة إذا لم توجد طبيبة إلى مكان الوجع من بدن المريضة ولا يقول عاقل بأن الطبيب متى وجد الطبيبة جاز له أن ينظر إليها وهذا معلوم من الشريعة لا يكاد يخفى.
والله أعلم.