الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينبغي أن تعلم أولا أنه ليس للأخ السائل ومن هو مثله من عوام المسلمين أن يعمد إلى النصوص الشرعية من كتاب وسنة فيفسرها على هواه ويبني عليها أحكاما فقهية بدون الرجوع إلى أهل العلم العارفين بهذه الشريعة.
قال تعالى: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ {النساء: 83}
قال عطاء والحسن وقتادة: أولي الأمر: أولي الفقه والعلم، ومعنى يستنبطونه يطلبون علم ذلك
هذا، وليحذر الأخ وغيره أشد الحذر من القول في القرآن بالرأي الفاسد، فإن ذلك أمر له خطره الكبير ومسؤوليته الجسيمة، يقول عمر بن الخطاب: ما أخاف على هذه الأمة من مؤمن ينهاه إيمانه ولا من فاسق بين فسقه ولكن أخاف عليها رجلا قد قرأ القرآن حتى أذلقه بلسان ثم تأوله على غير تأويله.
ويقول الصديق أبو بكر رضي الله عنه: أي سماء تطلني وأي أرض تقلني إذا قلت في القرآن برأيي أو بما لا أعلم.
فإذا تقرر هذا فاسمع ما يقوله العلماء في معنى قوله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا. ومثله: لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا
يقول الإمام القرطبي: يقول عند تفسير قوله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا
قال: والمراد يكسبون الربا ويفعلون، وإنما خص الأكل بالذكر لأنه أقوى مقاصد الإنسان في المال فأقيم هذا البعض من توابع الكسب مقام الكسب كله فاللباس والسكن والادخار والإنفاق على العيال داخل في قوله: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا. اهـ.
فعلم من هذا أن ما تريد فعله من فتح حساب في بنك ربوي وأخذ فوائد تسديد مصاريف الإجراءات المذكورة تعامل بالربا محرم وأنه يجب عليك صرف النظر تماما عن ذلك.
وأما ما نسبته إلى ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم من أن الربا في المطعومات فغير صحيح بالمرة، بل الثابت عن ابن عباس وابن عمر تشديدهم على ربا النسيئة وهو نوع الربا الذي تريد فعله في معاملتك مع البنك.
والله أعلم.