الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يأجرك في مصيبتك، وأن يخلفك خيرا منها، وأن يلهمك الصبر، ويعظم لك المثوبة والأجر .
ونوصيك بالصبر والحمد واحتساب الأجر والمثوبة عند الله تعالى، ونرجو أن يكون ذلك رفعا لدرجاتك عند الله تعالى وتكفيرا لسيئاتك، وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا حط الله سيئاته كما تحط الشجرة ورقها. وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة.
وننصحك بقراءة كتاب لا تحزن للشيخ عائض القرني، وننقل إليك بعضا من كلامه مختصرا قال حفظه الله: لا تحزن: لأنك جربت الحزن بالأمس فما نفعك شيئا، لا تحزن: لأنك حزنت من المصيبة فصارت مصائب، لا تحزن: لأن الحزن يريك الماء الزلال علقمة، والوردة حنظلة، والحديقة صحراء قاحلة ، والحياة سجنا لا يطاق.
لا تحزن : وأنت عندك عينان وأذنان وشفتان ويدان ورجلان ولسان وجنان وأمن وأمان وعافية في الأبدان: فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ.
لا تحزن: ولك دين تعتقده، وبيت تسكنه، وخبز تأكله، وماء تشربه، وثوب تلبسه، وزوجة تأوي إليها، فلماذا تحزن؟!
فن السرور:
من أعظم النعم سرور القلب ، واستقراره وهدوؤه ، فإن في سروره ثبات الذهن وجودة الإنتاج وابتهاج النفس، وقالوا: إن السرور فن يدرس، فمن عرف كيف يجلبه ويحصل عليه ، ويحظى به استفاد من مباهج الحياة ومسار العيش، والنعم التي من بين يديه ومن خلفه. والأصل الأصيل في طلب السرور قوة الاحتمال، فلا يهتز من الزوابع ولا يتحرك للحوادث ، ولا ينزعج للتوافه. وبحسب قوة القلب وصفائه ، تشرق النفس.
إن خور الطبيعة وضعف المقاومة وجزع النفس، رواحل للهموم والغموم والأحزان، فمن عود نفسه التصبر والتجلد هانت عليه المزعجات ، وخفت عليه الأزمات.
من الأصول في فن السرور: أن تلجم تفكيرك وتعصمه ، فلا يتفلت ولا يهرب ولا يطيش، فإنك إن تركت تفكيرك وشأنه جمح وطفح ، وأعاد عليك ملف الأحزان، وقرأ عليك كتاب المآسي. إن التفكير إذا شرد أعاد لك الماضي الجريح والمستقبل المخيف، فزلزل أركانك وهز كيانك وأحرق مشاعرك، فاخطمه بخطام التوجه الجاد المركز على العمل المثمر المفيد، وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ.
وفي الحديث : إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم. وفي فن الآداب: وإنما السرور باصطناعه واجتلاب بسمته، واقتناص أسبابه، وتكلف بوادره ، حتى يكون طبعا.
إن الحياة الدنيا لا تستحق منا إعادتها العبوس والتذمر والتبرم.
والحقيقة التي لاريب فيها أنك لا تستطيع أن تنزع من حياتك كل آثار الحزن، لأن الحياة خلقت هكذا. لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ. انتهى
والله أعلم