الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت الشهوة تغلب عليك إذا لم تكسر حدتها بالصيام وربما أوقعتك في الحرام، فإنه لا يجب عليك حينئذ طاعة والدك إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة في المعروف.
وأما إذا لم تكن شهوتك تغلبك إلى الحرام أو كان والدك لا يمانع من تزويجك فتجب عليك طاعته لأن بره واجب وصيام التطوع غير واجب، وربما لا يدعوه إلى أمرك بترك الصيام إلا الشفقة والنصح خوفاً عليك من الضعف والإرهاق.
ولتذكره بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.
والأولى أن لا تعصي أمره ظاهراً فإن كان لا بد من الصيام فلتكتم ذلك عنه فتجمع بين الحسنيين، وكذلك في شأن الصدقة فلا تفعلها وهو يراك، وحيث أمكنك التصدق سراً أو في مكان لا يراك فلا بأس أن تتصدق مما يعطيك، وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 62672.
وذلك لأنه لا يتأذى بالصدقة إذا لم يعلم بها فلا ينافي ذلك الإحسان المأمور به في حقه، قال العيني في عمدة القاري: وضبط الواجب من الطاعة لهما والمحرم من العقوق لهما فيه عسر. وقال السبكي: ضابط العقوق إيذاؤهما بأي نوع من أنواع الإيذاء. وقال الطرطوشي: إذا نهياه عن سنة راتبة أطاعهما وإن كان ذلك على الدوام فلا طاعة لهما فيه لما فيه من إماتة الشرع. قال الألوسي: وأما مخالفة أمره فيما لا يدخل على الولد فيه ضرر بالكلية وإنما هو مجرد إرشاد للولد فلا يكون عقوقاً....
وخلاصة القول في ذلك أن المخالفة إن ترتب عليها إيذاؤهما أو إيذاء أحدهما فلا تجوز ما لم يكن لأجل واجب شرعي، وهنا يمكن فعل المعروف سراً دون علم الوالد فلا يتأذى بفعله فيجوز فعله وهو أولى جمعاً بين الحسنيين.
والله أعلم.