الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان لنا ستر فيه تمثال طائر، وكان الداخل إذا دخل استقبله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حوِّلي هذا فإني كلما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا.
قال النووي: هذا محمول على أنه كان قبل تحريم اتخاذ ما فيه صورة، فلهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل ويراه ولا ينكره قبل هذه المرة الأخيرة، وكذا قال ابن العربي في أحكام القرآن: وتبين بحديث الصلاة إلى الصور أن ذلك كان جائزاً في الرقم في الثوب ثم نسخه المنع فهكذا استقر فيه الأمر. انتهى
وذهب بعض العلماء كالقاسم بن محمد إلى استثناء مثل ذلك مما كان رقماً لا ظل له أو كان فيما يمتهن؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: إلا رقماً في ثوب. قال النووي: هذا يحتج به من يقول بإباحة ما كان رقماً مطلقاً. انتهى
إذن لم يتفق العلماء على أن ذلك قبل التحريم أو بعده ، قال الألباني في غاية المرام: ولا ندري إن كان هذا قبل التحريم أو بعده. انتهى
فمنهم من ذهب إلى أنه كان قبل التحريم، ومنهم من ذهب إلى أنه لا تعارض بين الأخبار، وأن هذا الخبر فيما ليس له ظل من الصور وفيما يمتهن منها فيجوز لأن التحويل من جهة إلى جهة ليس تغييراً، ولا إنكارا له .
قال الخطابي: والصورة التي تمتهن في البساط والوسادة وغيرها، لا تمنع دخول الملائكة. انتهى. وأشار القاضي عياض إلى نحو ما قاله الخطابي كما ذكر النووي.
والله أعلم.