الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن قتل النفس التي حرم الله عمداً عدواناً يعد من أكبر الكبائر، يبين ذلك قول الله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93}، وروى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا.
فالذي أقدم عليه ذلك الشخص من حقن الشخص الآخر بفيروس الإيدز متعمداً بقصد القتل جريمة نكراء، وكبيرة من أكبر الكبائر، والعياذ بالله ويجب عليه القصاص.
ولكن الذي له الحق في القصاص أو العفو هو ولي الدم لا غيره، قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله: والاستيفاء للعاصب.... وذلك لأن الحق في القصاص إنما يثبت بعد الموت، والمطالبة به قبل ذلك أو العفو هما من باب المطالبة أو العفو عن حق قبل وجوبه.
ويشهد لهذا ما ذكره أهل السير والتاريخ من وصية الإمام علي -رضي الله عنه- ابنه الحسن قبل موته، خلافاً لما ذكرته، ففيها قد ورد ما يلي: وفي ليلة وفاته ليلة الواحد والعشرين من رمضان أول وصية أوصى بها الإمام علي ابنه الحسن فقال: يا بني أنت ولي الأمر من بعدي وولي الدم فإن عفوت فلك، وإن قتلت فضربة مكان ضربة ولا تأثم.
فقد أوصاه بأن لا يزيد على القدر الذي فعله الجاني، وليس معنى ذلك أنه ينهاه عن العفو عن القاتل، بل ورد تصريحه -رضي الله عنه- بأن له العفو إن أحب، كما في الوصية، وعليه فإن لأولياء الدم التنازل عن حقهم في القصاص مجاناً، أو على الدية بعد موت المجني عليه.
والله أعلم.