الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان ما يهدى إليك يحوي مواد محرمة لا يجوز استعمالها كدهون الخنزير وشحومه أو الميتة ونحو ذلك فإنه لا يجوز لك أكلها ولا إهداؤها لأن ما يحرم أخذه يحرم إعطاؤه، والغالب في متنجات أولئك القوم أنها تحوي أمورا محرمة، وقد بينا حكم الطعام والمنتجات التي توجد في بلاد الكفار في الفتوى رقم: 2437.
ولكون الغالب على تلك الدهون أنها من الخنزير أو الميتة فالأولى لك أن تحتاط لنفسك فلا تقبلها ولا تهديها إلى غيرك.
وأما إذا كانت الهدية مباحة وكانت خالية من المواد المحرمة فلا حرج عليك في قبولها ولو كان المهدي كافرا، والأولى أن لا تردها إلى من أهداها إليك، فإما أن تطعمها إن لم تكن تحوي ما لا يجوز أكله أو تهديها إلى غيرك، وقد بينا حكم قبول هبة الكافر وهديته في الفتوى رقم: 32462، وتجوز الهدية إليه تأليفا لقلبه وترغيبا له في الإسلام، ورد الهدية إلى من أهداها قد يكسر خاطره، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لو أهدي إلي ذراع لقبلت، ولو دعيت إلى كراع لأجبت. رواه البيهقي وغيره، وصححه الألباني
ولكن لاحرج عليك أن لا تأكلها إن كنت لا تأمن خلوها مما لا يجوز أكله أو كانت نفسك تعافها، فقد أبى صلى الله عليه وسلم أكل لحم الضب الذي جاءت به أم حفيد بنت الحرث من نجد، وقال: طعام ليس في قومي، فأجدني أعافه. قال خالد بن الوليد: فاجتررته إلي فأكلته. والقصة في الصحيحين.
وينبغي للمسلم إذا شك في أمر ما أن يحتاط لنفسه ولدينه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، رواه الترمذي وصححه الألباني. وفي الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. واللفظ لمسلم. فاقبل الهدية ممن أهداها إليك ولو كان كافرا بالضوابط التي بيناها في الفتوى المحال إليها، ثم إن شئت فاهدها إلى غيرك ولو كان كافرا بنفس الضوابط المذكورة مع نية ترغيبه في الإسلام وتأليف قلبه لذلك.
والله أعلم.