الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله الذي من عليك بنعمة الهداية والاستقامة في بيئة لا تمكن من ذلك، هذا ولا ينبغي لولي المرأة رد الخاطب الخلوق الدين لعلة البدء بتزويج البنت الكبرى قبل الصغرى، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا نكح إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي
وإذا استمر والد الفتاة على رد الخاطبين الصالحين الأكفاء الدينين فإنه يكون عاضلا لها، وفي هذه الحالة فإن للفتاة أن ترفع أمرها للقاضي ليزوجها. وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43004، 49399، 25815.
هذا، وقد أخطأت في تماديك بالعلاقة مع هذا الأستاذ حتى خرجت عن مجرد الاسترشاد وطلب النصيحة والتوجيه إلى الإعجاب بشخصه والتلذذ بسماع حديثه، وما حصل ذلك إلا بتجاوزك بإطلاق بصرك إلى ما حرم الله النظر إليه، وكأنك وأنت الفتاة العفيفة المستقيمة لم تسمعي قول الله تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ {النور: 31} ثم تجاوزك في الكلام لغير حاجة معه، وكأن الله ليس له حكم في ضبط العلاقة بين الرجل والمرأة إذا كانا أجنبيين، وانظري الفتويين: 15406، 21310.
ثم ما يدريك هل إذا ظفرت بهذا الأستاذ وأصبح زوجك ستكونين سعيدة معه؟ وما الذي يؤكد لك أنه في علاقته الخاصة بزوجته على هذا القدر من الرقة والتفاهم والسلوك الحسن، إن كثيرا من الشخصيات العامة تبدو للناس في اللحظات التي يقضونها معهم وكأنهم أشخاص مثاليون، فإذا طالت صحبتهم لهم أو كوَّنوا معهم علاقة خاصة اكتشفوا أنهم كانوا مخدوعين.
إننا نظن أن مشاعرك تجاه هذا الأستاذ ليست حقيقة، وإنما ذلك لشعورك بذلك الفراغ العاطفي الذي سببه افتقاد حنان الأسرة وعطفهم عليك جعلك تتفاعلين مع أول قلب يفتح لك وينصت إلى حديثك.
والذي ننصحك به أن تتوبي إلى الله تعالى من تفريطك في جبنه تعالى، وأن تقطعي علاقتك نهائيا بذلك الأستاذ فتحذفي رقم هاتفه من جوالك، ولا تدخلي القسم الذي يعمل فيه إلا لحاجة شديدة، ولا تكوني وحدك بل اصحبي معك إحدى زميلاتك، واعلمي أن ما أنت فيه هو بوادر مرض من أخطر أمراض القلوب التي تقطع المرء عن ربه ومولاه ألا وهو داء العشق، وانظري الفتوى رقم: 9360.
هذا، وننصحك بأن تكون لك صحبة من الأخوات الفضليات المؤمنات تتبادلين معهن مشاعر الحب في الله وتتعاونين معهن على فعل الخيرات، وانظري فضل الحب في الله في الفتوى رقم: 52433.
واشتركي مع أخواتك في حفظ كتاب الله تعالى وطلب العلم النافع، واعلمي أن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
وانظري برنامجا لطلب العلم للمبتدئين في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 59868، 59729، 56544، فاجتهدي في إصلاح نفسك وتزكيتها واستمعي للأشرطة النافعة وأهد منها لأخواتك، وانشطي في الدعوة إلى الله تعالى، واسألي الله كثيرا أن يرزقك العفاف وأن يمن عليك بالزواج الصالح الذي تقر به عينك ويعينك على أمر دينك.
هذا، وننصحك بتقوى الله في والديك والاجتهاد في برهما وإن كانا مفرطين في حق الله ومقصرين في حقك عليهما، فإن الله تعالى قد أوصاك بهما فقال: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23} وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إرضاءهما فيما ليس فيه معصية لله تعالى من أقصر الطرق لرضوان الله والجنة، فقال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد، رواه الترمذي. وقال أيضا: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي.
ولمزيد فائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 56908، 12767، 1769، 4220، 1037، 58152، 63925، 65335.
والله أعلم.