الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لنا ولك ولجميع المسلمين التوبة والاستقامة على طاعته، والثبات على دينه، واعلم أن السبيل إلى التوبة والاستقامة والثبات على الدين هو الاستعانة بالله تعالى، والالتجاء إليه سبحانه، والعمل بمقتضى كتابه، واتباع هدي رسوله صلى الله عليه وسلم، ومصاحبة أهل الخير الذين يدلون على طاعة الله تعالى ويرغبون فيها، ويحذرون من طاعة الهوى، وإغواء الشيطان.
مع البعد عن قرناء السوء المنحرفين عن سبيل الهدى المتبعين للهوى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة. متفق عليه.
وقد قيل سابقاً:
عن المرء لا تسأل واسأل عن قرينه * فكل قرين بالمقارن يقتدي
واعلم -أيها الأخ الكريم- أنك قد عرفت السبب فيما حصل لك، فلا عذر لك في الاستمرار على الحال التي أنت عليها، فبادر إلى التوبة وإذا تعين الابتعاد عن تلك الشركة وسيلة إلى التوبة فلا تتردد في الابتعاد عنها ما دامت هي السبب لما حل بك، وعد إلى ما كنت عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقراءة القرآن، والصلاة في الجماعة، والأذكار، والنوافل، وغض البصر عن الحرام، وغير ذلك مما بينته في سؤالك.
واعلم أن دين المرء هو رأس ماله، وأن ما أجابك به شركاؤك من أنكم بعملكم هذا تريدون أن تثبتوا أقدامكم، ومن ثم تتركون أعمالكم وتتركون الشبهات، وأن العمل عبادة... هو في الحقيقة جواب غير صحيح، وواضح منه أنه خطوة من خطوات الشيطان التي يستدرج بها من يطيعه، وقد تبين لك ذلك مما آل إليه أمرك، فلا تتوان في التوبة وأخذ الطريق.
والله أعلم.