الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم في كل من الحديثين أمر أو أرشد إلى اختيار صاحب الدين سواء كان رجلا أو امرأة.
وفي الحديث الأول ذكر واقعا وهو أن الرجال يرغبون في النساء لتلك الصفات، الجمال، الحسب..... ثم أرشد الرجال إلى اختيار صاحبة الدين. قال في فتح الباري: قال القرطبي: معنى الحديث أن هذه الخصال الأربع هي التي يرغب في نكاح المرأة لأجلها، فهو خبر عما في الوجود من ذلك لا أنه وقع الأمر بذلك.
أما الحديث الثاني فهو موجه إلى أولياء أمور النساء، وفيه أمرهم بتزويج صاحب الدين والخلق، وأن رفضه والرغبة عنه في صاحب المال والجاه العاري عن الدين والخلق يؤدي إلى الفتنة والفساد.
ولا يدل ذكر الحسب وما معه في الحديث الأول ورغبة الرجال فيه أن ذلك خاص بهم، بل النساء كذلك يرغبن في جمال الرجال وحسبهم، بل إن رغبتهن في مال الرجل وجماله قد تكون أشد لأن استفادتهن من مال الرجل قد تكون أكثر من استفادة الرجل من مال المرأة، لأن في ماله نفقتها وكسوتها، وليس للرجل نفقة ولا كسوة في مال المرأة، وقد تهبه لأهلها أو لمن شاءت فلا ينتفع به هو ولا أولاده، كما أن دمامته قد تتأذى منها ولا تتمكن من فراقه، والرجل إن لم تعجبه المرأة أمكنه تطليقها، ولعل عدم ذكر الحسب وما معه في الحديث الأخير والله أعلم، هو أن ما رتبه الشارع فيه على رفض صاحب الدين والخلق من الفساد الكبير والفتنة لا يترتب على رفض صاحب المال وما معه المجرد من الأخلاق والدين، فجاء الحديث آمرا بقبول صاحب الدين زاجرا عن رفضه مبينا ما يترتب عليه، ولا داعي لذكر ما لم يؤمر به ولم يترتب على رفضه مفسدة من اعتبار صفة الجمال أو المال أو غيرهما.
والله أعلم.