الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن ما ذكرته عن عمك ينافي الدين والأخلاق والفطرة السليمة، ولا لوم عليك فيه إلا في ما كان منه بعد بلوغك، ثم إن المرأة التي تهمل بعض أبنائها وتحرمهم من حنان الأمومة والتربية والرعاية تكون قد جنت عليهم، ولا مانع من أن يكون ما ذكرته من البكاء وسوء الحالة وعدم الشعور بالسعادة، هو نتيجة لذلك، كما أنه ينتج أحياناً عن معصية الله والإعراض عن ذكره، قال الله تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:123-124}، وقال تعالى: أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ {الزمر:22}.
وقد يحدث للمؤمن المطيع بعض مما ذكرت ليختبر في دينه أو لترفع له الدرجات بالصبر، قال الله تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ {الملك:2}.
وسواء كان السبب هو هذا أو ذاك، فاعلمي أن ما يصيب المؤمن كله خير بالنسبة إليه، ففي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم قال: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. رواه مسلم.
وعليه.. فإنا ننصحك بالتوبة وأن تخلصي فيها لله ولو كنت لا تتذكرين أنك قد اقترفت بعد بلوغك ذنبا يستوجب كل هذا، ثم عليك بذكر الله وتلاوة القرآن والزيادة في نوافل العبادة، ونسأل الله أن يشفيك مما أنت فيه وأن يمن علينا وعليك بالسعادة في هذه الدار وفي الآخرة إنه القادر على ذلك.
ثم اعلمي أن حق أمك في البر لا ينقصه ما ذكرته عنها، فسامحيها واستغفري لها، وتذكري ما كان لها من المعاناة في حملك ورضاعك وتربيتك.
وإذا كان عمك قد تاب من أفعله تلك، فسامحيه أيضاً واستغفري له، وإن لم يكن تاب، فرغبيه في التوبة، وانصحيه بالابتعاد عن الحرام قبل أن تفوت عليه الفرصة، ولا تقبلي أبداً أن يعود معك إلى ما كان عليه، ولو كلفك ذلك فضح أمره، فإنك الآن صرت مؤاخذة ومسؤولة عما يصدر منك، وعن الكيفية التي تصيرين بها ناجحة فراجعي فيها الفتوى رقم: 20725، والفتوى رقم: 2863.
والله أعلم.