الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان سائق الشاحنة قد توقف في محل لا يسمح بالوقوف فيه ، كان الضمان عليه لتعديه بوقوفه في المحل المذكور ، وقد نص الفقهاء في تصادم الدواب على أن الواقف المتعدي ضامن ، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني : وإن كان الواقف متعدياً بوقوفه ، مثل أن يقف في طريق ضيق ، فالضمان عليه دون السائر ، لأن التكليف حصل بتعديه ، فكان الضمان عليه ، كما لو وضع حجراً في الطريق ، أو جلس في طريق ضيق ، فعثر به إنسان . انتهى
وإذا كان المحل الذي توقف فيه السائق هو مما يسمح بالوقوف فيه فلا ضمان عليه ، وإنما الضمان على صاحب السيارة التي اصطدمت به .
وعلى أي من السائقين كان الضمان ، فإنه يعتبر خطأ .
وأما فرار السائق وعدم تقديمه يد المساعدة ، فإنه يعتبر موجباً للضمان عند من يقول بأن الترك فعل . وهو مقتضى مذهب مالك في هذه المسألة .
واعلم أن هذا النوع من القضايا يجب أن يكون مرجعه ومرده إلى المحاكم الشرعية فهي التي بإمكانها التأكد منه ، والاطلاع على حقائقه ، والنظر في جميع جوانبه العالقة به . أما الفتوى فلا يصح الاعتماد عليها في مثل تلك الأمور التي لا تخلو غالباً من أبعاد غامضة وخلفيات لا يمكن أن يحاط بها عن طريق سؤال .
والله أعلم .