الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يفقهنا وإياك في دينه ويشرح صدورنا لفهم شريعته ، ولتعلم أن كلاً من حكم قتل المرتد وقتل الزاني المحصن ثابت في نصوص الوحي مجمع عليه من قبل أهل العلم . ولكن الحكم بهما لا يثبت إلا من قبل القضاء الشرعي ولا يطبقه إلا ولي الأمر بعد استتابة المرتد ثلاثة أيام بلا جوع ولا عطش ومعاقبة فإن تاب وإلا قتل .
ومن الأدلة على رجم الزاني المحصن وقتل المرتد ما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة . وفي مسند الإمام أحمد وسنن النسائي وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يحل دم امرئ مسلم إلا رجل زنى بعد إحصانه ، أو كفر بعد إسلامه ، أو النفس بالنفس . وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعز بن مالك الأسلمي والغامدية .
وأما ما ذكرت من الآيات فهو استدلال في غير محله ، فالآية الأولى : لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ... {التوبة: 66 } في المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون النفاق والكفر وكذلك الحوادث التي أشرت إليها .
وأما الآية الثانية : وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا ...... {النساء: 25 } الآية. فهي مبينة لحد الأرقاء عموماً وأنه نصف حد الأحرار الذي جاء في سورة النور على العموم في قوله تعالى : الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ {النور: 2 } ولذلك فالرقيق إذا زنى ولو بعد الإحصان لا يرجم لهذه الآية وللأحاديث الواردة في ذلك لأن الله تعالى نص على أن حده نصف حد الأحرار والذي يمكن تجزئته وتنصيفه هو الجلد، وأما الرجم الذي هو القتل فلا يمكن تنصيفه . وبذلك تعلم أنه لا دليل في الآية الكريمة على ما ذكرت ، وأما قولك فهل يصح الاعتماد على حديثين ... ) فإن الحديث إذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وجب على المسلم العمل به سواء كان ذلك في مجال العقائد أو الأحكام .فقد قال تعالى : وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا {الحشر: 7 } وقال تعالى : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور: 63 } مع أننا لا نسلم بأن رجم الزاني وقتل المرتد قد ورد فيهما حديثان فقط بل وردت فيهما نصوص كثيرة ، وطبق النبي صلى الله عليه وسلم هذه النصوص في زمنه وكذلك خلفاؤه الراشدون رضوان الله عليهم . وللمزيد من الأدلة النقلية والعقلية على وجوب العمل بأحاديث الآحاد نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية: 38186 ،13987 ،35561 . وما أحيل عليه فيها .
والله أعلم .