الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله الذي هداك للتوبة ومن عليك بالصلاح والاستقامة، ونسأله سبحانه تعالى أن يثبتك على ذلك حتى الممات، وفيما يتعلق بسؤالك، فأول ما نوصيك به هو أن تستر نفسك بستر الله جل وعلا، وأن لا تطلع أحداً على ما كان من أمرك، حتى ولو كنت في بلد تطبق فيه الحدود، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا. رواه الحاكم والبيهقي وصححه السيوطي وحسنه العراقي.
وإذا تمت لك التوبة النصوح فإن الله جل وعلا غفور رحيم، وقد قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ {الزمر:53-54}.
ومما يعين على التوبة من المعصية البعد عن دواعيها وأسبابها، ومواطنها، واجتناب أهلها، واستبدال ذلك بمخالطة الصالحين، والجلوس عندهم، والسماع منهم....
واعلم أنه ليس من شروط توبتك أن تجلد أية جلدة، لا في الخمر ولا في غيره، وأما ما أكلته من أموال الناس بالباطل، فإن توبتك لا تتم إلا برده إلى أهله بأي وجه تيسر لك، ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 42975.
وأما موضوع الصلاة والصيام، فنحيلك فيه على فتوانا رقم: 12700، ومنها يتبين لك أنك إذا قضيتهما بأي وجه يلائمك تكون قد برئت ذمتك منهما، ولا تلزمك كفارة الصيام عند جمهور أهل العلم إلا أن تكون جامعت في نهار رمضان وأنت صائم ولكن التكفير أحوط لك، وهو مذهب المالكية الذي هو مذهب بلدك، والأفضل عندهم فيه إطعام ستين مسكينا عن كل يوم أفطرته متعمداً منتهكا حرمة الصيام.
وأما إن كنت جامعت في نهار رمضان وأنت صائم فمذهب الجمهور أن تكفر بصيام شهرين متتابعين ولا تنتقل إلى الإطعام إلا بعد العجز عن الكفارة بالصيام، وليس يلزم تتابع الأشهر الستة، بل يكفي تتابع كل اثنين منها.
والله أعلم.