الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ويشرح صدرك ويفرج همك، واعلمي أن علاج ما ابتليت به هو الالتجاء إلى الله تعالى قبل كل شيء والتضرع إليه، فهو الذي يجيب دعوة المضطر ويكشف السوء ويفرج الهم والغم سبحانه وتعالى.
ثم عليك بالإكثار من ذكر الله تعالى، وتلاوة كتابه بتدبر وخشوع، ففي ذلك شفاء محقق لما في الصدور وتفريج لغمومها وهمومها وإذهاب لأحزانها واكتئابها، يقول الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء:82}.، ويقول الله تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء {فصلت:44}, ويقول تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ {يونس:57}، ويقول الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.
ولا يفوتنا أن نثلج صدرك بالدلالة على حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي. إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا، فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها؟ فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها.
واعلمي أن ما ذكرته عن نفسك من صعوبة إمساك القرآن، وثقل الصلاة، وغير ذلك هو من الشيطان، ولو سافرت وابتعدت عمن تعرفين، تكونين قد سهلت له الطريق ليصطادك، فلا تفكري في ذلك.
واعلمي أن جميع ما في هذه الدنيا لا يساوي شيئاً بالمقارنة مع ما عند الله من المثوبة لمن صبر على نوائب الدهر وحافظ على دينه، فهوني على نفسك، ولا بأس بأن تذهبي إلى من له علم بالأمراض النفسية، وثقي بأن المؤمن لا يصيبه إلا ما هو خير له، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وفي الصحيحين أنه قال: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها.
والله أعلم.