الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه يجوز له أن يوكل من ينوب عنه لمباشرة العقد وعمل ذلك، ثم يبحث عن محرم يرافقها إليه، ولا يصح أن تسافر إليه قبل العقد إلا إذا كان معها وليها؛ إذ لا يصح نكاحها بدون إذن وليها سواء أكانت مطلقة أم غير مطلقة، ولكن إذا عضلها الولي عن الكفء فلها أن ترفع أمرها إلى القاضي ليتولى أمرها، وأما أن تذهب إليك دون محرم وتعقد دون إذن وليها فلا يجوز ذلك ولا يصح.
فإذا تيسر موافقة أوليائها وأوصلها أحدهم إليك أو وكلت من ينوبك في العقد ووجدت لها محرماً يرافقها إليك فينبغي أن تتزوجها وفاء بوعدك لها إذا كانت ذات خلق ودين، كما أن في ذلك إعفافاً لها وإعانة لها على الالتزام.
وأما إذا لم يتيسر ذلك كأن يرفض الأولياء، فينبغي أن تبحث عن غيرها، ولا يجوز أن تقدم على محرم فتنكحها دون إذن أوليائها أو ترغبها في السفر دون محرم معها، وانظر الفتوى رقم: 741، 6219، 13604.
وأما المحادثة عن طريق الشات أو غيره لأجل الدعوة فقد بينا ضوابط ذلك في الفتوى رقم: 65753، والأولى أن يتولى دعوة النساء نساء، كما بينا في الفتوى رقم: 5271.
وأما الحديث معها عن الزواج وكيفيته فلا حرج فيه ولكن ينبغي أن يكون ذلك بقدر وحد، فإنه أبيح على خلاف الأصل للحاجة إليه مثل النظر فلا يتعدى بالحاجة محلها ولا بالرخصة خارج حدها، فلا يجوز الاسترسال في ذلك واتخاذه وسيلة لبث أحاديث الغرام ومطارحة الهوى مثل ما هو واقع ومشاهَد، وينبغي أن تعلم أن الذي يحاسبك هو الله الذي يعلم السر وأخفى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {المجادلة:7}.
واعلم أن المرء ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ملكان أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله يسجلان عليه ذلك في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فاتق الله سبحانه وتعالى ولا تفعل إلا ما أذن لك فيه شرعاً، وللاستزادة انظر الفتوى رقم: 1072.
والله أعلم.