الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تلبس الجن بالإنسان ثابت بنصوص الوحي، ومشاهد في واقع الناس، تجد الأدلة على ذلك في الفتوى: 15307، والفتوى: 35281، وما أحيل عليه فيهما.
فكما أن بعض الظلمة والفسقة من الإنس يتسلطون على الناس ويؤذونهم بوسائل شتى ولأغراض مختلفة، فكذلك الجن لهم في ذلك أغراض مختلفة... وربما كان تلبسهم بالإنس انتقاماً من الإنسي لأنه آذاهم أو ما أشبه ذلك.
وأما كيف يحاسب الله تعالى إنسانًا أصيب بالجنون... فإن المجنون لا حساب عليه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أحمد وأصحاب السنن.
فالتكليف مناطه العقل والاستطاعة، فقد قال الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [البقرة:286]، وفاقد العقل غير مستطيع، ولهذا قال أهل العلم: إن الله تعالى إذا سلب ما وهب (العقل) أسقط ما أوجب. وكما في الآية التي أشار إليها السائل (وأن الله ليس بظلام للعبيد)، وقال تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40].
والله أعلم.