الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالجن لهم تأثير بإذن الله تعالى وأضرار يلحقونها ببدن الإنسان ، وذلك ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة ، قال تعالى : الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ {البقرة : 175 }
وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم . وقال عبد الله بن الإمام أحمد قلت لأبي : إن قوما يقولون : إن الجن لا يدخلون في بدن المصروع فقال : يا بني يكذبون ، هذا يتكلم على لسانه ، وهذا الأمر مشهور بين الناس فإنه يرى الرجل مصروعا فيتكلم المصروع بلسان لا يعرفه ويضرب على بدنه ضربا عظيما ومع هذا لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقال حوله .
والمس هو الجنون ، كما قال أهل التفسير ، ففي الطبري عند تفسير قوله تعالى : إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ {البقرة : 175 } قال : يعني بذلك : يتخبله الشيطان في الدنيا ، وهو الذي يخنقه فيصرعه من المس ، يعني من الجنون .
ثم إنه لا مانع من أن يظهر الشيطان أمام الناس بصورة إنسان أو غيره فقد أعطى الله سبحانه وتعالى الجن قدرة على التشكل بأشكال مختلفة ، منها :
التشكل في صورة إنسان ، كما في صحيح البخاري عندما جاء الشيطان لأبي هريرة رضي الله عنه في صورة رجل فقير ، وأخذ يحثو من طعام الصدقة .
ومنها التشكل في صورة حيوان ، كالكلب الأسود ، كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الكلب الأسود شيطان . قال ابن تيمية رحمه الله : الكلب الأسود شيطان ، والجن تتصور بصورته كثيراً ، وكذلك بصورة القط الأسود ، لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره ، وفيه قوة الحرارة .
كما يتشكل بشكل الحيات (الثعابين ) ولهذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتل جنان البيوت ، خشية أن يكون هذا المقتول جنياً قد أسلم .
ولك أن تراجع في الوقاية من الجان فتوانا رقم : 36246 ، ولا يلزم أن يكون تأثير الإنسان وخوفه عند سماع آيات السحر والجان دليلاً على وجود مس من الجان أو سحر به ، لأن القرآن كله مؤثر .
والله أعلم .