الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن حق الزوج على زوجته عظيم جداً وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم بيانا لذلك وتنبيهاً إليه: لا يصلح بشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه. رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب بلفظ آخر فيه تقديم وتأخير.
قال المناوي في فيض القدير: إن حق الزوج على زوجته عظيم لا تستطيع تأديته والمراد الحث على طاعة الزوج وعدم كفران نعمته.
إذن فما تقوم به والدتك هو من ذلك الحق العظيم وقد أحسنت فيه، ولكن ينبغي أن تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمة الحصين بن محصن: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك. رواه أحمد والنسائي والبيهقي.
وقال: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة. رواه الترمذي وقال حسن غريب.
فإذا علمت ذلك فإنه مما يخفف عنها لأواء ما تجد من زوجها فتصبر على رعايته والإحسان إليه وليس عليها إثم بعد ذلك إذا هي بالغت في رعايته وخدمته ولم تسأله إلا ما عجزت عنه، فربما يصيبه الخرف وتغير العقل لكبر سنه أو حدة الطبع للضعف والعجز عما كان يقوم به في شبابه، فلا تؤاخذ هي بذلك إذا أدت ما عليها وهو سبيلها إلى الجنة بإذن الله وحاجز لها من النار، وما تجده من أذى قد يكون من الشيطان ليصدها عما تفعله من الخير، فينبغي أن تحاربه بالصبر على أذى زوجها وما تجده منه، وانظر الفتوى رقم: 21474.
وقد بينا أن خطأ أحد الزوجين وتقصيره في حق الآخر لا يسوغ طغيان الآخر عليه، وذلك في الفتوى رقم: 20155.
وينبغي نصح الأب بحكمة ولطف فإن ذلك من بره وحجزه عن الظلم، كما بينا في الفتوى رقم: 9647، والفتوى رقم: 64743.
والله أعلم.