الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففسخ الخطبة بدون مبرر شرعي لا ينبغي، لما في ذلك من خلف الوعد وعدم الوفاء بالعهد المذمومين في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد قال جل وعلا: وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً {الإسراء:34}، وقال تعالى: وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً {النحل:91}.
فإذا عاهد المسلم أخاه المسلم على شيء ما فعليه أن يفي له بهذا العهد امتثالا لأمر الله تعالى، وإخلاف العهد منهي عنه شرعا ومذموم طبعاً، وهو من صفات المنافقين لقوله صلى الله عليه وسلم: أربع من كن فيه كان منافقاً خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا ائتمن خان. رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو.
ولا شك أن الزواج إذا حصل عليه وفاق من أهم ما ينبغي أن يفي به الطرفان، لما يترتب على خلفه من الأذى النفسي للمخطوبة وأهلها، ولأنه قد يشوه سمعتها عند الخطاب.
ولكن ربما يطلع أحد الطرفين على أشياء عند الآخر لم يطلع عليها من قبل فتدعوه إلى فسخ الخطبة قبل العقد، ولو وقع العقد لكان طلاقا وتكون المشكلة أكبر لما يترتب عليها، والفسخ قبل العقد لا يترتب عليه شيء لا عدة ولا نصف صداق... وعليه فما فعله خطيبك هذا ما كان ينبغي له أن يفعله إذا لم يكن له مبرر لفعله، وأسوأ منه قبول أختك لخطبته لها وهو لا يزال خاطباً لك، وأسوأ من ذلك أن تجدي في أغراضها ما يثبت أنها كان لها مساع فيما حصل.
وعلى كل حال فننصحك -أيتها الأخت الكريمة- بأن تصبري وتكلي الأمر إلى الله، فقد قال الله تعالى: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ {الطلاق:3}، ولا تقاطعي أختك مهما كان الحال، فإن ذلك يضر بدينك، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 66723.
والله أعلم.