الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان مورثكم قد أوصى لذريته بالعمارة بعد وفاته فإن الوصية لا تصح لوارث ولا بأكثر من الثلث إلا إذا أجازها الورثة. فإذا لم يكن مع الموصى لهم غيرهم من الورثة أو كان معهم وأجازها لهم فإنه تعتبر وصية صحيحة ويمضي الوقف على ما اشترطه مورثكم؛ لأن القاعدة العامة في الوقف عند أهل العلم أن شرط الواقف كنص الشارع ما لم يخالفه.
ولذلك فإن ريع هذه العمارة يصرف على ما ذكره الواقف بالتحديد أو بالوصف. فما بقي بعد صيانتها يوزع على المستحقين من ذريته بالوصف الذي ذكره من الفقر والاحتياج.. ومن لم يتصف بالوصف الذي ذكره الواقف فإنه لا شيء له، وإذا لم يكن فيهم محتاج فلا يصرف لهم شيء لشرط الواقف. وما بقي عن المستحقين من الذرية يصرف على الفقراء والمساكين - وهم المحتاجون الذين لا مال لهم أو لهم من المال ما لا يسد حاجتهم – وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 60559.
وأما ناظر الوقف فإن كان وصيًا من قبل الواقف فإنه لا شيء له إلا إذا كان فقيرًا فله أن يأخذ ما يحتاج إليه بالمعروف كما قال الله تعالى: وَمَنْ كَانَ غَنِيًا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيأكُلْ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:6}. وأما إذا لم يكن وصيًا فله أجر مثله إذا لم يكن متبرعًا بعمله.
ولا يمكننا تحديد المبالغ التي تصرف على صيانة العمارة أو للفقراء والمساكين أو لناظر الوقف؛ لأن ذلك يخضع للحاجة والعرف. وإذا بقي فائض بعد الصيانة وحاجة الذرية والفقراء والمساكين في المنطقة فإنه ينقل إلى أقرب الفقراء وأحوجهم في مكان آخر، ولا يصرف على ذريته الأغنياء كما ذكرنا؛ لأن شرط الواقف كنص الشارع ما لم يخالف.
ونرجو أن تطلع على الفتاوى التالية: 18071، 1552، 63747، 67641 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.