الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الوسطية هي الخيار والأعلى في كل شيء؛ كما قال الله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا {البقرة:143}. وقد سبق بيان معنى الوسطية في الإسلام في الفتوى رقم: 25075.
ووسطية الإسلام تبدو جلية في كل تعاليمه، وفي نظرته للكون والحياة. فهو يلائم فطرة الإنسان ويلبي حاجاته ومطالبه المادية والروحية دون طغيان ولا خسران.
وإذا تأمل العاقل في الأديان والملل والنحل الأخرى يجدها تغلب جانبًا على حساب جانب، وربما أهملت جوانب مهمة في حياة الإنسان. وتفسير ذلك - ببساطة - أن هذه الأديان من صنع البشر، وإن كان بعضها يستند إلى أديان سماوية سابقة، أو أثارة من هدي الأنبياء المحرف.
أما دين الإسلام فهو دين الله الخاتم الذي تكفل بحفظ كتابه من التغيير والتبديل والتحريف حتى يبقى حجة قائمة على الناس أجمعين بعد ختم الرسالات وانقطاع الوحي. كما قال الله تعالى: لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا {النساء:165}.
ووسطية الإسلام تبدو جلية واضحة في مجال العقائد، وفي مجال العبادات، وفي مجال الأخلاق، وفي مجال المعاملات. ففي مجال العقائد فرض الإسلام توحيد الله عز وجل في ربوبيته وفي ألوهيته وفي أسمائه وفي صفاته والإيمان بغيبه، وهذا الذي يتلاءم مع المنطق العقلي والفطرة السليمة، كما قال تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا {الأنبياء:22}. وهكذا في كل المجالات التي أشرنا إليها تبدو وسطية الإسلام في يسر وسهولة وانسجام مع الفطرة البشرية دون إفراط ولا تفريط.
ونرجو أن تطلعي على الفتاوى التالية أرقامها: 46684، 58415، 67046.
والله أعلم.