الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما تضييق الزوج على الزوجة فلا يجوز له إذ يجب عليه الإنفاق عليها بمعروف، قال الله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا {الطلاق:7}.
فعليه أن ينفق عليها بالمعروف وحسب حاله، وإذا لم يعطها من النفقة ما يكفيها فلها أن تأخذ من ماله دون إذنه ما يكفيها بالمعروف إذا كان شحيحاً معها، ففي الحديث الصحيح: أن هند بنت عتبة شكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم زوجها أبا سفيان فقالت: إن أبا سفيان رجل شحيح فهل علي جناح أن آخذ من ماله سرا؟ قال: خذي أنت وبنوك ما يكفيك بالمعروف. متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وعند مسلم: لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك. وانظر الفتوى رقم: 8497، قال الكاساني: والحديث يدل على أن نفقة الزوجة مقدرة بالكفاية.
وكذلك تلزمه نفقه أبنائه الصغار، وأما من بلغ منهم فقد اختلف في وجوب نفقته وهل تسقط بالبلوغ أم لا؟ وقد فصلنا القول في ذلك في الفتوى رقم: 25339.
ومما اختلف فيه أيضاً إعفاف الابن فمن العلماء من قال لا يلزم الأب إعفاف ابنه، قاله النووي، وقال ابن قدامة: وعلى الأب إعفاف ابنه إذا كانت عليه نفقته وكان محتاجا إلى إعفافه.
وخلاصة القول في ذلك أن الحنابلة يوجبون إعفافه إذا كانت نفقته على الأب، ويرى الجمهور أنه لا يجب إعفافه وهو الراجح، ولكن إذا زوج أحدهم فيجب تزويج الباقين لأن من العدل المأمور به بين الأبناء في العطايا والهبات ومحل ذلك إن كان الباقون ليسوا قادرين؛ وإلا فيندب له ذلك من باب الإحسان، وانظر في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27231، 23574، 50915.
ولكن بغض النظر عن وجوب ذلك عليه أو عدمه فلا شك أن الأولى له مساعدة أبنائه وإعفافهم عن الحرام فهو مقتضى الإحسان، وإذا قصر في ذلك فإنه لا يسقط وجوب بره والإحسان إليه، كما بينا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19409، 18800، 20168.
والله أعلم.