الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم لك الشفاء العاجل ، وأن يفرج همك ويزيل غمك إنه سبحانه على كل شيء قدير .
وعليك بالمداومة على الرقية الشرعية وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى والمحافظة على صلاتك وسائر ما أوجب الله عليك .
ونذكرك أيتها الأخت بأن الله تعالى الذي خلقك من العدم، ورزقك وأنت نطفة، وصورك فأحسن تصويرك، وخلق قلبك النابض ودمك الجاري وجوارحك المتحركة قادر على شفائك فأكثري من الدعاء ، واعلمي أن عاقبة الدعاء خير ، وما يظنه الناس أن إجابة الدعاء محصورة في تلبية ما طلب الداعي غير صحيح، ففي مسند الإمام أحمد ومستدرك الحاكم بسند صحيح عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم أو قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يكشف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذاً نكثر. قال: الله أكثر .
والله تعالى يبتلي عباده فإن صبروا فلهم الأجر وإن سخطوا فلهم السخط، وتذكري ما في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لعطاء : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قال بلى : قال : هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي . قال: إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك ، قالت: أصبر . قالت: فإني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها . وانظري الفتوى رقم: 25111 . ففيها بيان منزلة الصابرين ، وننصح بمطالعة الفتوى رقم : 51946 . لبيان أن الدنيا دار البلاء ، ونقول لك أيتها الأخت الكريمة : احمدي الله تعالى أن جعل بلاءك في الدنيا لا في الدين ، واعلمي أن من ابتلي بأصناف الأوجاع والأمراض وهو صابر محتسب خير له من أن يكون صحيح البدن معافى الأعضاء وهو مبتلى بترك الصلاة أو فعل الذنوب ، لأن الأول مبتلى في دنياه وهي إلى زوال ومقام الإنسان فيها وإن طال فهو قصير ، وأما الثاني فبلاؤه في دينه ، ومن خسر دينه خسر آخرته ، ومن خسر آخرته فقد خسر كل شيء قال تعالى : قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ {الزمر : 15 }
وأما بشأن حكم العلاج والتداوي فسبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم : 27266 . والفتوى رقم: 30645 .
وأما سفرك بغير إذن زوجك فلا يجوز ، بل عليك طاعته والبقاء بجواره والعناية بأولادك فهم بحاجة إلى عاطفتك وحنانك . فإن أذن لك زوجك في السفر إلى أهلك والمقام عندهم فلا مانع من سفرك على أن يصحبك حال السفر محرم ؛ لما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم .
ولا يخفى عليك أن أكل ما هو محرم لا يجوز إلا في حال الضرورة الملجئة كالمضطر لأكل الميتة، ولا يخفى عليك أنكم لم تبلغوا مثل هذه الحالة .
والله أعلم.