الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا نقول لك أنت أولاً بأن حب المرأة الأجنبية لا يوصف بأنه حب طاهر، وانظر الفتوى رقم: 63571.
فأما الحب في الإسلام فقد بينا حكمه وأنواعه وما يجوز منه وما لا يجوز، وذلك في الفتوى رقم: 5707.
ثم إن الذي ننصح به فيما يخص مشكلة هذه المرأة مع زوجها هو، أولاً: الرجوع إلى المراكز الإسلامية في تلك البلاد لتعرض عليهم مشكلتها مشافهة فهم أقدر على الاطلاع على حقيقة المشكلة ومعرفة ملابساتها، ومن ثَمَّ وجود الحلول المناسبة لها، ومع ذلك فإننا نقول: إن الطلاق لا يشترط لصحته ووقوعه أن يكون لدى محكمة إسلامية أو غيرها، بل يصح ويقع متى ما تلفظ به الزوج أو قصده وأوقعه على زوجته دون إكراه، سواء أكان ذلك بحضرة شهود أم لا، وسواء أكان في المحكمة أم خارجها، فإن كان زوجها قد طلقها وتلفظ لها به أو كتبه لها ونواه دون إكراهه على ذلك فقد طلقت منه، ولكن له مراجعتها ما دامت في العدة إن كان طلاقها رجعياً، وذلك إذا كان طلقها طلقة واحدة أو اثنتين، فإن كان طلقها ثلاثاً فهي بائنة منه.
والمحاكم الوضعية إنما هي لتمرير الإجراءات القانونية فحسب، ولا يجوز الذهاب إليها إلا عند الضرورة وعدم وجود مركز أو هيئة إسلامية، ولا يجوز لمطلقها أن يأخذ منها شيئاً دون حق إن لم تكن خالعته به، قال الله تعالى: وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً* وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا {النساء:20-21}، كما لا يجوز له أن يضيق عليها ويلجئها إلى الخلع، كما بينا في الفتوى رقم: 6655.
ولم تبين لنا ما وجه مطالبة مطلقها لها بالمال، هل راجعها في العدة ويريدها أن تختلع منه؟ أم أن المحكمة أجبرته على كتابة الطلاق والتوقيع عليه وهو لا يريده؟ أم ماذا؟ وعلى أي وجه يبتزها؟ فإن كان الطلاق قد وقع -كما بينا- وخرجت من العدة فلك أن تتزوجها، وتكلم زوجها السابق ليترك التعرض لها دون حق، ولكن ننبهك إلى إنه لا يجوز لك أن تخطبها وتصرح لها بذلك ما بقيت في عدة زوجها، فإن خرجت من العدة فلك أن تخطبها وتتزوجها، دون لقاء قبل ذلك، فسبيل الحب الوحيد في الإسلام بين الرجل والمرأة إذا كانت أجنبية عنه هو الزواج، فإذا تم جاز الحب واللقاء والحديث وما يجوز بين الزوجين، وأما قبل الزواج فلا تجوز الخلوة ولا الحديث لغير حاجة معتبرة شرعاً ولا غير ذلك من الأمور المحرمة، كما بينا في الفتوى المحال إليها سابقاً.
والله أعلم.