الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان يكتب في صحيفة الأعمال كل شيء صدر عن الإنسان كالحركة والسكون والنوم والكلام وحديث النفس وغير ذلك، أم أنه لا يكتب إلا ما فيه ثواب أو عقاب، قال القرطبي في تفسيره: قال أبو الجوزاء ومجاهد: يكتب على الإنسان كل شيء حتى الأنين في مرضه، وقال عكرمة: لا يكتب إلا ما يؤجر به أو يؤزر عليه، وقيل: يكتب عليه كل ما يتكلم به، فإذا كان آخر النهار محا عنه ما كان مباحا، نحو: انطلق، اقعد، كل، مما لا يعلق به أجر أو وزر. وذكر ابن كثير: أن ظاهر الآية العموم.
ثم إن المواخذة بالوسوسة وحديث النفس هي من الآصار التي كانت على بعض الأمم السابقة، وجاء في كتب التفسير أنهم اليهود والنصارى، قال الطبري في تفسيره: (كما حملته على الذين من قبلنا) يعني: على اليهود والنصارى الذين كلفوا أعمالاً، وأخذت عهودهم ومواثيقهم على القيام بها، فلم يقوموا بها فعوجلوا بالعقوبة.
وأما قولك: ولماذا سيؤاخذون؟ فجوابه: أن الله تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وننبه الأخ الكريم إلى أن معرفة ما إذا كان حديث النفس يكتب أو لا يكتب، ومَن الأمم المؤاخذة بالوسوسة؟ ليست من المسائل التي يحتاج إليها المسلم في عبادته، وبالتالي ينبغي أن لا تكون هي الشغل الشاغل لباله، وأن لا تكون سببا لخوفه.
والله أعلم.