الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالدعاء للميت مطلقًا بالمغفرة مشروع بالكتاب، والسنة، والإجماع، وهو من أفضل الأعمال التي ينتفع بها الميت، قال الله تعالى: والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان [الحشر: 10].
وأما الدعاء للميت بتقديس روحه، فلا نعلم خبرًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، والتقديس معناه: التطهير والتبريك، ويجوز للإنسان أن يدعو للميت بقوله: قدس الله روحه. وقد درج على ذلك كثير من أهل العلم والفضل، لكن الأولى بالمسلم أن يدعو بالمأثور، ويتمسك بالثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلقد أوتي عليه الصلاة والسلام جوامع الكلم، ولن يدعو أحد بدعاء أفضل من دعائه -صلى الله عليه وسلم-، ومما ثبت عنه في دعائه للميت في صلاة الجنازة ما أخرجه مسلم، والنسائي، وابن ماجه عن عوف بن مالك -رضي الله عنه- قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جنازة، فحفظت من دعائه وهو يقول: اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار.
وأخرج أبو داود، وابن ماجه، وأحمد وصححه الألباني في أحكام الجنائز عن واثلة بن الأسقع -رضي الله عنه- قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على رجل من المسلمين، فأسمعه يقول: اللهم إن فلان ابن فلان في ذمتك، وحبل جوارك، فقه فتنة القبر، وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، فاغفر له وارحمه، إنك أنت الغفور الرحيم.
وأخرج الطبراني في الكبير، والحاكم وصححه الألباني في أحكام الجنائز عن يزيد بن ركانه بن المطلب -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قام للجنازة ليصلي عليها قال: اللهم عبدك وابن أمتك، احتاج إلى رحمتك، وأنت غني عن عذابه، إن كان محسنًا، فزد في إحسانه، وإن كان مسيئًا، فتجاوز عنه.
وهذه الأدعية -وإن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد دعا بها في صلاة الجنازة-، فإنه يجوز الدعاء بها للميت في أي وقت، وهو أولى من الدعاء الذي ينشئه الإنسان من ذات نفسه.
والله أعلم.