الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كلمة الإسلام قد يُعنى بها الانقياد والاستسلام لله تعالى وتوحيده واتباع الوحي الذي جاء من عنده، وهذا يشترك فيه جميع أتباع الرسل عليهم الصلاة والسلام، ومنه إطلاق الإسلام على من سبق من الأنبياء، ولكن تختلف بعض التشريعات من رسالة إلى رسالة؛ كما قال تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا {المائدة: 48} وفي حديث البخاري: الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد. يعني أن أصل دينهم واحد وإن اختلفت الشرائع، كما في إحدى التفسيرات التي ذكر ابن حجر والنووي في شرح مسلم. فقد جاء في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم نسخ بعض ما كان في شريعة موسى، ووضع بعض الآصار التي كانت على أتباع موسى.
وعلى هذا تعتبر رسالة الإسلام التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم ناسخة لما قبلها، ولا يقبل ما سواها بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، بل يجب على جميع البشر الإيمان به ونصرته واتباعه والإيمان بما جاء به وعدم العدول عنه إلى غيره. قال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ {آل عمران: 81} وقال تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ {المائدة: 48}.
وبناء عليه، فإنه يجوز القول أيضا بأن الإسلام جاء قبل أربعة عشر قرنا باعتبار كون بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته زاد تاريخها على أربعة عشر قرنا، وراجع الفتاوى التالية أرقامها للمزيد في الموضوع: 27614، 54711، 67046، 39118، 49073
والله أعلم.