الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحديث المسؤول عنه رواه البيهقي، وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وسعيد بن منصور بلفظ: لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموه فاثبتوا، وأكثروا ذكر الله، فإن أجلبوا وصيَّحوا، فعليكم بالصمت. هذه رواية سعيد بن منصور. ورواه الباقون بنفس اللفظ على اختلاف يسير بينهم، والحديث أصله في الصحيحين من رواية عبد الله بن أبي أوفى بلفظ: لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا... .
قال العلامة المناوي في شرح الحديث: لا تتمنوا لقاء العدو، لما فيه من صورة الإعجاب، والوثوق بالقوة، وقلة الاهتمام به، وهو مخالف للاحتياط، ولأنهم قد ينصرون استدراجًا، ولأن لقاء العدو من أشد الأشياء على النفس، والأمور الغائبة ليست كالمحققة، فلا يؤمن أن يكون عند الوقوع على خلاف المطلوب، وتمني الشهادة لا تستلزم تمني اللقاء، وأخذ منه النهي عن طلب المبارزة، ومن ثمَّ قال علي -كرم الله وجهه- لابنه: لا تدع أحدًا إلى المبارزة، ومن دعاك لها، فاخرج إليه؛ لأنه باغٍ، وقد ضمن الله نصر من بُغِي عليه. اهـ.
والله أعلم.