الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي -أيتها الأخت الكريمة- أنه لا يجوز للمسلم أن يستسلم لهذه الوسوسة التي تعرض له في وضوئه، أو في صلاته وصيامه، أو في شيء من عبادته، لأنها من كيد الشيطان ليصرف الصالحين عن عبادتهم، ويقطعهم عما يقربهم من ربهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عند كيد الشيطان (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً)، وكلما أراد العبد توجها إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوساوس أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه.... انتهى.
والعلاج النافع بإذن الله تعالى هو الإعراض التام عن هذه الوساوس، وراجعي الفتوى رقم: 51601.
واعلمي -أيتها الأخت الكريمة- أنك لست مطالبة بما ذكرت أنك تفعلينه من النطق بالنية وتكرارها والقيام آخر الليل لتجديدها، بل عندما يقع في قلبك أنك ستصبحين صائمة، أو تتسحرين أو تفعلين أي فعل تريدين به الاستعانة على الصوم، فقد حصلت لك نية الصوم، ولست مطالبة بتجديدها بعد ذلك ولو فعلت أي فعل أو تكلمت بأي كلام، لأن النية إذا انعقدت فلا ترتفع إلا بقصد رفضها.
وما قلناه عن نية الصيام نقول مثله عن نية الوضوء والصلاة وسائر العبادات، ولا ينبغي أن تفكري أو تظني أنك تعبدين الشيطان، فإن جميع ما ذكرته يدل على أنك بعيدة جداً عن عبادة الشيطان، ولكن الشيطان يوسوس لك بذلك بغية ترك عبادة الله، فلا تطيعيه أبداً.
ثم إنه ليس من المباح الوقوع في أعراض الناس، وبالتالي فقد أخطأت بنيلك من عرض التي تعرضت لعرضها، وعليك أن تتوبي إلى الله من ذلك، ولكن ذلك لا يبطل الصيام، فلست -إذا- مطالبة بإعادة ذلك اليوم ولا اليوم الذي تصورت فيه أنك تعبدين الشيطان، ونسأل الله لك العافية والاستقامة.
والله أعلم.