الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا من قبل أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل بالنص الصريح من كلام الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى {البقرة:282}، وروى البخاري عن أبي سعيد الخدري ومسلم عن ابن عمر، واللفظ له: أن النبي صلى الله عيله وسلم قال: ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن، قالت امرأة: يا رسول الله، وما نقصان العقل والدين، قال: أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل.... الحديث. وهذه النصوص صريحة لا تقبل التأويل، وبالتالي لا يصح العدول عنها.
ثم ما يتعلق بقوامة الرجل، فقد ذكر الله لها سببين، أحدهما ما أشار إليه قوله تعالى: بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ {النساء:34}، أي بتفضيل الله الرجال على النساء، بأن جعل منهم الأنبياء والخلفاء والسلاطين والحكام والغزاة، وزيادة التعصيب والنصيب في الميراث، وجعل الطلاق بأيديهم، والانتساب إليهم، وغير ذلك مما فضل الله به جنس الرجال على جنس النساء في الجملة، وهذا التفضيل ليس كسبيا، وإنما هو هبة من الله تعالى، فلا يتغير بكون بعض النساء يعلن إخوتهن أو آباءهن....
والثاني في جعل القوامة للرجل على المرأة هو: ما أنفقه عليها، وما دفعه إليها من مهر، وما يتكلفه من نفقة في الجهاد، وما يلزمه في العقل والدية، وغير ذلك مما لم تكن المرأة ملزمة به، وقد أشار إليه في الآية بقوله (وبما أنفقوا من أموالهم).
وإذا تخلى الرجل عن ميزته التي ميزه الله تعالى بها فلم ينفق على امرأته، ولم يكسها، فإن ذلك يسلبه حق القوامة عليها، ويعطيها هي الحق في القيام بفسخ النكاح بالوسائل المشروعة.
ومما يجب التنبه إليه أن تفضيل الرجال على النساء المذكور في الآية الكريمة المراد منه تفضيل جنس الرجال على جنس النساء، وليس المراد منه تفضيل جميع أفراد الرجال على جميع أفراد النساء، وإلا فكم من امرأة تفضل زوجها في العلم والدين والعمل والرأي وغير ذلك، ولكن هذا لا يعني جعل القوامة للنساء ولأن العبرة بالغالب، ثم إنه مما ثبت علمياً أن ذاكرة المرأة تختلف عن ذاكرة الرجل في أصل نشأتها، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 65255. وعليه فلا يجوز لك الأخذ بما قالته تلك الدكتورة.
والله أعلم.