الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقولك: هل يكون للوساوس أي أثر أو تبعات... إلى قولك: ينتقص هذا من إيماني؟ لم نفهم ما تقصدينه من هذه الفقرة من سؤالك، فالرجاء أن توضحيها.
ثم إن التعوذ والتفل عن اليسار ثلاثا لمن وجد وسوسة الشيطان قد أمر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديثه الشريف. ففي صحيح مسلم أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثا. قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.
ولم يرد في لفظ الحديث ما يفيد أن هذا الفعل يكرر في اليوم عددا محددا من المرات، وإنما جاء الأمر به عند حصول الوسوسة. قال النووي في شرحه: وفى هذا الحديث استحباب التعوذ من الشيطان عند وسوسته مع التفل عن اليسار ثلاثا.
والأمر بالتفل بالطريقة المذكورة، ليس معناه أن يظل الإنسان يكرر التعوذ والتفل، بل يفعله في ذلك المجلس مرة ثم يتوقف عنه، وإذا عاوده في مجلس آخر فعله أيضا، وهكذا...
ومن هذا تجدين الحل لما ذكرته من الحرج فيما إذا كنت في مكان عام وحصلت لك الوساوس.
وإذا أعرضت عن الوسواس وتجاهلته تماما، وكان الحامل لك على ذلك هو اتباع أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنك مأجورة على ذلك إن شاء الله.
والجمع بين التعوذ من الشيطان عند حصول هذه الوساوس والإعراض عنها ليس بممتنع وهو المأمور به. وكيفيته أن الإنسان يتعوذ بالله من الشيطان إذا حصلت الوساوس، ثم بعد ذلك يُعرِض عنها ولا يسترسل فيها.
والله أعلم.