الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نقف على خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم يفيد بأن سورة معينة من القرآن أبلغ من غيرها .
والقرآن توجد منه آيات قد جمعت أوجها من البلاغة لم تجتمع في غيرها ، ولكن بلاغة القرآن وعظمته وسمو معانيه لا تتفاوت حتى يقال إن بعضه أبلغ من بعض ، قال الزكشي في البرهان في علوم القرآن : وهل يجوز أن يقال: بعض كلامه أبلغ من بعض ؟ جوزه بعضهم لقصور نظرهم، وينبغي أن يُعلَم أن معنى قول القائل: هذا الكلام أبلغ من هذا الكلام أن هذا في موضعه له حسن ولطف، وذاك في موضعه له حسن ولطف ، وهذا الحسن في موضعه أكمل من ذاك في موضعه ، فإن من قال: إن (قل هو الله أحد) أبلغ من (تبت يدا أبي لهب) يجعل المقابلة بين ذكر الله وذكر أبي لهب وبين التوحيد والدعاء على الكافرين وذلك غير صحيح ، بل ينبغي أن يقال (تبت يدا أبي لهب) دعاء عليه بالخسران ، فهل توجد عبارة للدعاء بالخسران أحسن من هذه ؟ وكذلك في (قل هو الله أحد) لا توجد عبارة تدل على الوحدانية أبلغ منها ، فالعالِم إذا نظر إلى (تبت يدا أبي لهب وتب) ، في باب الدعاء والخسران ، ونظر إلى (قل هو الله أحد) في باب التوحيد لا يمكنه أن يقول أحدهما أبلغ من الآخر ، وهذا القيد يغفل عنه بعض من لا يكون عنده علم البيان .
والله أعلم .